الخميس، أكتوبر ٠٥، ٢٠٠٦

المرأة التي لاتنسى

حول المرأة
المرأة التي لاتنسى
الدكتور / حسن المالح
يقوم الدماغ الإنساني بالتقاط وتسجيل وتخزين معلومات هائلة .. من خلال ما يدور في العقل من انطباعات وأفكار وخيالات وأيضاً من خلال ماتسجله الحواس أثناء الحياة اليومية .. ومعظم هذه المعلومات لاتبقى في الذاكرة .. حيث يقوم الدماغ بعملية تنظيم وتنظيف وحذف مستمرة للمعلومات التي يحملها .. ويتم ذلك خلال فترة الصحو وخلال النوم أيضاً
ومن الناحية العملية يتذكر الإنسان المعلومات المرتبطة بكمية كافية من الانفعالات .. السلبية أو الإيجابية .. وكلما كانت المعلومات جافة أو حيادية أو لاتحمل قدراً متميزاً من الانفعالات .. كلما كانت أسهل وأسرع في نسيانها .. وكذلك المعلومات السريعة غير المتكررة .. والمعلومات غير الهامة بالنسبة للشخص
وبالطبع فإن الذكريات الأولى الطفولية تدوم فترات طويلة .. وكذلك الحب الأول .. والمرأة الأولى .. ويختلف الأشخاص في قدراتهم على التجدد وعلى بناء ذكريات جديدة .. وبعضهم يقلب صفحات ذاكرته ويكتب صفحات جديدة ببطء وحذر .. وبعضهم يفعل ذلك بسرعة كبيرة وبعضهم بين هذا وذاك
وبعض الذكريات المؤلمة أو الخطرة يتم كبتها ونسيانها ظاهرياً .. ولكنها تبقى فاعلة ومؤثرة في البنية النفسية للإنسان وفي سلوكه وشخصيته .. ويمكن لهذه الذكريات أو أجزاء منها أن تظهر في الأحلام بشكل خفي أو مشوه .. كما يمكن لها أن تقترب من الظهور في الوعي خلال الضغوط النفسية أو الأزمات التي تحمل تشابهاً مع تلك الذكريات
" والمرأة الحلم " أو المثالية التي تسكن في عقل الرجل بعد أن ينشئها ويكونها تبقى زماناً طويلاً .. وكذلك المرأة المتميزة بشكل معين أو أسلوب معين أو صفات خاصة .. سلبية كانت أم إيجابية
وهناك " أيام لاتنسى " و " مواقف لاتنسى " و " شخصيات لاتنسى " و " ورجل لاينسى " و " إمرأة لاتنسى " .. وذلك وفقاً للمضمون الإيجابي أو السلبي الذي ترتبط به

والشخصيات المتفائلة والإيجابية تنسى الآلام والذكريات السلبية بشكل أفضل من الشخصيات المتشائمة أو الاكتئابية. بينما نجد أن الشخصيات الاكتئابية لديها ولع ومهارة في استرجاع مختلف أنواع الذكريات المؤلمة والسلبية .. ولديها أيضاً تحيز في ذاكرتها نحو المؤلم والمزعج .. ولايمكنها أن تكون موضوعية وحيادية في تعاملها مع مايمر بالذاكرة من أحداث ومواقف

ويقولون أن " الأسى لاينسى " وهذا صحيح عموماً ولكن يختلف الأشخاص في نسيانهم وتذكرهم وفقاً لتكوينهم وشخصيتهم وذكرياتهم

ويبدو أن تجربة الفقدان لها أثر كبير على الذاكرة .. وعندما يفقد الرجل إمرأته ( أو تفقد المرأة رجلها ) بشكل مفاجئ وغير متوقع فإن ذلك يشكل جرحاً كبيراً لايسهل اندماله ونسيانه .. أما الفقدان التدريجي والمتوقع والمطلوب .. فهو
أسهل على عمليات النسيان وأسهل على العقل في التكيف معه وهضمه
وختاماً .. من المفيد للصحة النفسية أن يتذكر الإنسان أموراً إيجابية وأن يسعى لإحياء مثل تلك الذكريات الجميلة .. وأن يحاول أن يهضم ذكرياته السلبية المؤلمة ويتحدث عنها ويحللها ويستفيد من دروسها .. ومن ثم أن يفتح صفحات جديدة مع الحياة .. دائماً

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية